Why Is This My Family? | Why Me? EP. 4 | Dr. Omar Suleiman's Ramadan Series on Qadar

قد يكون آباؤكم أعظم نعمة حظيتم بها أو أصعب امتحان تواجهونه. لكنكم ملزمون بهم ما حييتم بكلتا الحالتين بتربيتهم وتوجيهاتهم. بصوتهم الذي يبقى في عقولكم ما حييتم. ما الحكمة من هذا؟ ما الدروس التي يمكنكم تعلّمها أو نسيانها من آبائكم؟ يثني الله على تضحية الآباء من أجل أبنائهم. لأنكم كما تعجزون عن تذكّر معجزة ولادتكم، يستحيل أن تتذكروا آلام مخاض أمهاتكم وليالي الأرق والقلق التي قضاها آباؤكم في تربيتكم في مرحلة الطفولة. وربما أنكم لم تقدّروا تضحية آبائكم إلى أن أنجبتم أولادكم. لهذا يقول الله سبحانه وتعا

لى {وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} وصينا الإنسان بوالديه أن يحسن إليهما فقد حملته أمه حملًا ذا مشقة وولدته ولادة مؤلمة وح

مله ورضاعه ثلاثون شهرًا إلى أن يبلغ ذاك الطفل سن الأربعين ما يعني أنه ربما يرى الحياة من وجهة نظر والديه يقول: رب أوزعني أن أشكر على الدوام نعمتك التي أنعمت عليّ وعلى والديّ وأن أعمل صالحًا ترضاه واغرس الصلاح في ذريتي. إني تبت إليك حقًا وإني من المسلمين. يأمرنا الله أن نقدّر تضحيات آبائنا. إلا أن تربية الأباء قد يختلف أثرها على كل واحد منّا عند الكبر نشأ سيدنا موسى عليه السلام في منزل فرعون الطاغية الأكثر شرًا في التاريخ لكنه نشأ أيضًا في كنف المرأة التقية آسيا التي كمل إيمانها والتفاني المطلق ك

ان من الممكن لطفل ينشأ في هذه البيئة أن يميل بسهولة ليصبح طاغية نرجسيًا كما حال شخصية الأب. لكن سيدنا موسى عليه السلام كان أشد الناس كرهًا للظلم. ضحّى عوضًا عن ذلك بكل شيء وأنقذ قومه واختار أن يكون إنسانًا متفانٍ، مثل آسيا. امتُحن سيدنا إبراهيم عليه السلام بأب مسيء ألقى به في النار. لكن انظروا كيف أصبح إبراهيم عليه السلام أبًا محبًا لأولاده. يقول بعض الفقهاء إن كلمة "إبراهيم" مشتقة من عبارة "أب رحيم" أي "الأب الرحوم". وهو أبو الأنبياء بالتأكيد الأنبياء من ذريته. يستجيب الطفل للإساءة أحيانًا بإظه

ار نقيض خصال آبائهم. لكن نسيان هذه الأمور يستغرق وقتًا. تأملوا قصة عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه. كان يكره أباه الخطاب لأنه كان أبًا مسيئًا جدًا. وكان عمر يسير على خطاه ليصبح مثله قبل الإسلام. لكنه استطاع من خلال الإسلام إعادة توجيه تلك الطاقة وسخّرها في سعيه الحثيث للحق والعدالة في العالم. وأصبح أبًا قدوة لأولاده. سبحان الله تأملوا عبد الله بن عمر وعظم محبته لعمر، مقارنةً بمدى كره عمر للخطاب لأن نشأته في كنف أب مسيء جعلته يصبح من أروع الآباء على الإطلاق. بينما كان عمر نقيضًا لأبيه كان عبد ال

له نسخة طبق الأصل عن أبيه وهنا تتجلى التربية الجميلة. تأملوا في امرأتين من النساء الأربع اللاتي كمل إيمانهن. كانتا أمًا وابنتها. حبيبة قلب الرسول صلى الله عليه وسلّم خديجة رضي الله عنها وسيدة نساء أهل الجنة فاطمة رضي الله عنها. تأملوا كيف أن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة جسّدا الخصال الحميدة من شجاعة وقيادة وكانا مستعدين للوقوف وحيدين في سبيل الحق. ألم يكن أباهما علي رضي الله عنه الشاب الوحيد المستعد في مرحلة ما للوقوف بشجاعة إلى جانب نبينا صلى الله عليه وسلّم حين وقف وحيدًا على جبل الصفا؟ ع

ليكم أن تفهموا بكل الأحوال أن آباءكم كان لديهم آباء أيضًا وأنهم اتخذوا قرارهم في توجيه تأثيرات آبائهم. ربما كان على أحد آبائكم نسيان ما تعلّموه من قسوة ليكونوا لكم الآباء الذين تمنوا أن يحظوا بهم. وربما رأى أجدادكم بكم فرصة لتقديم حب ورعاية أكبر من التي قدموها لابنهم أو ابنتهم. فالأضداد تتجاذب، أليس كذلك؟ ماذا إن عاش آباؤكم طفولة مغايرة لكنهما اهتديا إلى الله من خلال ما مروا به ثم اهتدى أحدهما إلى الآخر؟ تمثّل طفولتنا رحمنا الثاني في نواح عديدة. وقد جُبلت شخصياتنا بطريقة ما نتيجة هذه التجارب الت

ي على الأرجح ما يكون فيها الجيد والسيئ. لكن حتى إن كانت طفولتنا أصعب من طفولة الغير علينا أن نحذر من وسمها كاملة على أنها صدمة بحتة وننسى الحب والرحمة اللذين مُنحناهما في أوقات ربما كنا فيها في أضعف حالاتنا. لا يُوجد آباء كاملون وعلينا أن نتعلّم أحيانًا أن نتصالح مع نقائصهم من دون أن يتملكنا السخط. وفي حين أن آباءكم أقوى المؤثرين عليكم تذكّروا أنكم لستم مثلهم. فأنتم تتمتعون بشخصياتكم وخصالكم المستقلة. لذا ليس لكم أن تزعموا تلقائيًا تمتعكم بخصالهم الحميدة ولا أن تحدّكم نقائصهم. أنتم من يحتضن الخص

ال التي زرعها الله بكم بدءًا من الخصال التي أظهروها لكم أو الخصال التي تمنيتم أنهم تمتعوا بها. حتى من لم يتمتع بآباء صالحين بأي درجة. تذكّروا أننا أمّة تبناها يتيم. لنا جميعًا في الرسول صلى الله عليه وسلّم قدوة بمنزلة والد. "إنما أنا لكم بمنزلة الوالد أعلّمكم." أنا لكم بمنزلة الأب وأعلّمكم وهو أقرب إلينا من أنفسنا. وأمهات المؤمنين أمهاتنا. لدينا جميعًا قدوات في الرسول صلى الله عليه وسلّم وفي آله وأصحابه وعلينا الاجتهاد في البحث عن أصحابنا ومصاحبة من يصقلون هذه الخصال فقط. "لا تصحب من لا يُنهضك ح

اله ولا يدلّك على الله مقاله" لا تصاحبوا أحدًا لا يعينكم حاله على الارتقاء ومن لا يقرّبك كلامه من الله. نعم، حتى في الآباء الموجودين أمامكم لعل لديكم ذكريات جميلة معهم لا ترونها لكنها مغروسة في أرواحكم. أو حتى ذكريات خافتة من ماضيكم. أو حتى في صور لا تستطيعون تذكّر قصصها. لكن اعلموا أنهم قضوا ليالي أرق عديدة لا تستطيعون تذكّرها. وكان لها دور في نضج آبائكم أيضًا شئتم أم أبيتم. وحان دوركم لتعتبروا طفولتكم بأكملها فرصةً تعينكم على النضج الروحي. إن قدر المحيطين بكم مرتبط بأقداركم مباشرةً. وكل هذه ال

أمور مقدّرة لتعيدنا إلى سبيل كلمة الله لنصل إلى أفضل أحوالنا. ترجمة: نور الهدى اللحام