Main

The politics of fiction | Elif Shafak

Listening to stories widens the imagination; telling them lets us leap over cultural walls, embrace different experiences, feel what others feel. Elif Shafak builds on this simple idea to argue that fiction can overcome identity politics. TEDTalks is a daily video podcast of the best talks and performances from the TED Conference, where the world's leading thinkers and doers give the talk of their lives in 18 minutes. Featured speakers have included Al Gore on climate change, Philippe Starck on design, Jill Bolte Taylor on observing her own stroke, Nicholas Negroponte on One Laptop per Child, Jane Goodall on chimpanzees, Bill Gates on malaria and mosquitoes, Pattie Maes on the "Sixth Sense" wearable tech, and "Lost" producer JJ Abrams on the allure of mystery. TED stands for Technology, Entertainment, Design, and TEDTalks cover these topics as well as science, business, development and the arts. Closed captions and translated subtitles in a variety of languages are now available on TED.com, at http://www.ted.com/translate.

TED

13 years ago

المترجم: هند أبا الخيل المدقّق: Feda Al Sanonah أنا قَاصَّة. هذا هو عملي في الحياة .. سرد القصص, وكتابة الروايات, واليوم أود أن أروي لكم بعض الْحَكَايَا عن فن رواية القصة, وعن بعض المخلوقات الخارقة للطبيعة التي تسمى "الْجِن" ولكن قبل أن ندخل في الموضوع, اسمحوا لي أن أطلعكم على لمحات من قصتي الشخصية. وطبعا سأفعل ذلك بمساعدة الكلمات, وأيضا بمساعدة شكل هندسي, وهو الدائرة. وفي أثناء كلامي, ستصادفون عددا من الدوائر. ولدت في مدينة ستراسبورغ, في فرنسا لوالدين تركيين. وبعد فترة قصيرة, انفصل والِدَيَّ, و
جئت الى لتركيا مع أمي. ومنذ ذلك الحين, نشأت كطفلة وحيدة لأم عزباء. وفي أوائل السبعينيات, في أنقرة, كان هذ وضع غير مألوف. وكان حينا يزخر بالأُسر الكبيرة العدد, حيث كان الآباء هم أرباب الأسر. وهكذا ترعرعت وأنا أرى أمي كمطلقة في بيئة أبوية. في الواقع, نشأت أراقب نوعان مختلفان من النساء. من ناحية كانت أمي, امرأة تركية, مثقفة, علمانية, عصرية على الطراز الغربي، ومن ناحية أخرى كانت جدتي, التي أيضا تولت رعايتي, كانت أكثر روحانية وأقل ثقافة وقطعاً أقل عقلانية. كانت امرأة تقرأ الفنجان لترى المستقبل وتذوب
الرصاص في أشكال غريبة لتدرء العين والحسد. الكثير من الأشخاص كانوا يترددون على جدتي ممن يعلو حب الشباب الحاد وجوههم أو تنتشرالثآليل على أيديهم وفي كل مرة, كانت جدتي تمتمم بكلمات عربية, وتأخذ تفاحة حمراء ثم تقوم بطعنها بعدد من أشواك الزهور يساوي عدد الثآليل التي تريد نزعها. ثم تحيط الشوكة تلو الأخرى بدوائر من الحبر الداكن. وبعد أسبوع, يعاود المريض زيارتها لإجراء فحص المتابعة. وأنا أدرك أنه لا ينبغي علي ذكر أمور كهذه أمام جمهور من الباحثين والعلماء, والحق أقول, من بين كل الناس الذين زاروا جدتي لعلا
ج أمراضهم الجلدية، لم أرى شخصاً واحداً قد رجع وهو غير مسرور أو غير متعافي. سألتها عن كيفية قيامها بذلك. هل كانت تلك قوة الدعاء؟ وأجابتني بقولها: "نعم, إن للدعاء قوته. ولكن إياكِ أن تنسي قوة الدوائر." ومنها تعلمت, بالإضافة إلى كثير من اللأمور, درساً قيماً للغاية. أنه إذا أردت أن تدمر شيء ما في هذه الحياة, سواء كان حبة شباب أو بثرة أو روحاً بشرية, كل ماعليك فعله هو إحاطته بجدران سميكة, وسيذبل داخلها. جميعنا نعيش داخل مايشبه الدائرة الاجتماعية الثقافية. كلنا كذلك. لقد ولدنا داخل أسرة وأمة وطبقة ما.
ولكن لو لم يكن لنا اتصال, بأي شكل من الأشكال, بالعوالم الكامنة خلف عالمنا المُسلم به, عندها نكون أيضا مهددين بخطر الذبول داخل الجدران. فقد تنكمش مخيلتنا, وتتضاءل قلوبنا, وتذوي انسانيتنا, لو أطلنا المكوث داخل شرانقنا الثقافية. أصدقائنا, جيراننا, زملائنا, أُسرنا.. لو أن كل الأشخص في محيط دائرتنا كانوا مطابقين لنا, فهذا يعني أننا محاطون بمرايا تعكس صورنا. أمر آخر تفعله نساء كجدتي في تركيا هو تغطية المرايا بقماش من القطيفة, أو تعليقها على الجدران وهي مقلوبة. وهذا من التقاليد الشرقة القديمة, المستند
ة الى المعلومة التي تفيد بأنه أمر ضار بالصحة أن يقضي الانسان وقتاً طويلاً محدقاً في انعكاس صورته. ومن المفارقات, أن يكون العيش في مجتمعات من ذلك النمط, يُعَد اليوم من أعظم المخاطر التي تواجه العالم في عصر العولمة. وهذا يحدث في كل مكان, عند الليبراليين والمحافظين, والملحدين والمؤمنين, والأغنياء والفقراء, والشرق والغرب على حد سواء. فنحن نميل الى تشكيل تكتلات ترتكز على مبدأ التطابق, ومن ثم نعطي قوالب نمطية لتكتلات أخرى من الناس. من وجهة نظري, احدى طرق تخطي هذه المعازل الثقافية قد يتحقق من خلال فن ا
لرواية. لاتستطيع القصص هدم الحدود, ولكنها تستطيع حفر ثقوب في جدران عقولنا. ومن خلال تلك الثقوب, يصبح بإمكاننا التقاط لمحات عن الْآَخَر, واحيانا نُعْجَب بما نرى. لقد بدأت كتابة الأدب في الثامنة من عمري. عادت أمي الى المنزل وبحوزتها كراس فيروزي اللون, وسألتني ما إذا كنت مهتمة بتدوين يومياتي . وبنظرة للماضي, اعتقد أنها كانت قلقة بعض الشيء على صحتي العقلية. كنت دائما أروي القصص في المنزل, وهو أمر جيد, إلا أنني كنت أحكيها لأصدقاء خياليين من حولي, وذلك لم يكن بالأمر الجيد. كنت طفلة انطوائية إلى حد الت
واصل مع أقلام التلوين الشمعية والاعتذار من الأشياء عندما اصْطَدِم بها !! لذا ظنت أمي أنه قد يكون من الأصلح لي أن أدون خبراتي اليومية وانفعالاتي. والذي لم تكن تعلمه هو اعتقادي أن حياتي كانت شديدة الملل, وأن آخر ماكنت أريد القيام به كان أن أكتب عن نفسي. وعوضا عن ذلك, بدأت أكتب عن أشخاص غيري, وأشياء لم تحدث في الواقع. ومن ثم بدأ شغفي الأبدي بكتابة الأدب القصصي. وهكذا منذ البداية, كان الأدب القصصي بالنسبة لي أقل من أن يعتبر تجلياً لسيرة ذاتية لكونه رحلة تتجاوز نطاق الخبرة البشرية نحو حياة واحتمالات
أخرى. وأرجوكم تحملوا معي. فسوف أخط دائرة وأعود لاحقاً لهذه النقطة. شيء آخر حدث خلال تلك الفترة, حيث أصبحت أمي دبلوماسية, وإذن من هذا الحي الصغير, المؤمن بالخرافات, المنتمي للطبقة المتوسطة, حيث كانت جدتي, انتقلت بسرعة الى تلك المدرسة العالمية الراقية في مدريد. حيث كنت الطالبة التركية الوحيدة. ومن هنا كان لي أول لقاء بما اسميه "الممثل الأجنبي". في فصلي, كان هناك أطفال من جميع الجنسيات. ومع ذلك, فهذا التنوع, لم يؤدي بالضرورة إلى تحقيق مساوة وتعددية في ديموقراطية الصف. بدلا من ذلك, خلق بيئة حيث كان
كل طفل فيها يُنظر إليه, ليس كفرد مستقل بذاته, بل كممثل لشيء أضخم. كنا نموذجا مصغرا للأمم المتحدة, الأمر الذي كان ممتعاً, ماعدا في حالة حدوث أمر سلبي يرتبط بأمة أو دين آخر عندها يتعرض الطفل الذي يمثلهما للسخرية والتهكم والمضايقة التي لانهاية لها. وكان علي أن أعاني, لأنه خلال فترة التحاقي بالمرسة, حدث انقلاب عسكري في بلدي, وحاول مسلح من جنسيتي اغتيال البابا, وحصلت تركيا على صفر في مسابقة (يوروفيجن) للأغنية. (ضحك) لقد تغيبت كثيرا عن المدرسة وحلمت أن أصبح بحارة خلال تلك الأيام. وأيضا, أول مرة أتذوق
فيها طعم التنميط الثقافي كانت هناك. كان الاطفال يسألونني عن فيلم "Midnight Express", الذي لم أشاهده. واستفسروا عن عدد السجائر التي أدخنها في اليوم. لأنهم ظنوا أن جميع الأتراك كانوا مدخنين شرهين. وتساءلوا في أي سن سأبدأ بتغطية شعري. توصلت إلى أن الصور النمطية الأساسية عن دولتي كانت: السياسة, السجائر, والحجاب. بعد أسبانيا غادرنا الى الأردن ثم المانيا ثم رجعنا إلى أنقرة. أينما ذهبت شعرت وكأن مخيلتي هي الحقيبة الوحيدة التي يمكنني أَخَذَهَا معي. منحتني القصص إحساسا بالمركزية والاستمرارية والتماسك. تل
ك الأمور الثلاث هي ماكان ينقصني. في منتصف العشرينات من عمري, انتقلت الى إسطنبول, المدينة التي أعشقها. سكنت في حي متنوع ونابض بالحياة وهناك كتبت عددا من رواياتي. كنت في إسطنبول عندما وقع الزلزال عام 1999م. عندما خرجت مسرعة من المبنى في الساعة الثالثة فجرا, استوقفني مشهد ما عن متابعة سيري. كان بقّال الحارة .. ,وهو شيخ عكر المزاج ويرفض بيع الخمور, ولا يتحدث للمهمشين من الناس. جالسا الى جوار متخنث يلبس باروكة سوداء طويلة والمسكرة تسيل على خديه شاهدت البقال يفتح علبة سجائر بيدين مرتعشتين ويعرض سيجارة
للمتخنث. وكانت صورة ليلة الزلزال تلك محفوظة في ذاكرتي إلى اليوم. بقّال محافظ ومتخنث باكي يتشاركان التدخين على الرصيف. في وجه الموت والدمار تتلاشى فروقاتنا الدنيوية ونصبح كلنا شخص واحد حتى ولو لبضع ساعات. إلا أنني لطالما اعتقدت أن للقصص تأثير مماثل علينا. وأنا لا أقول أن الأدب الروائي له نفس أهمية الزلزال. ولكن حينما نقرأ رواية جيدة, فنحن نترك شققنا الصغيرة, المريحة خلفنا, ونمشي في الليل وحدنا, ونشرع بالتعرف على أشخاص لم نلتقيهم من قبل, وربما كنا نتحيز ضدهم. بعد حادثة الزلزال بوقت قصير, التحقت ب
كلية للنساء في بوسطن ثم في ميشيغان. اختبرت تجربة الانتقال, ليس بقدر كونه تحول جغرافي من كونه تحول لغوي. بدأت كتابة الأدب باللغة الانجليزية. أنا لست مهاجرة ولا لاجئة ولا منفية. سألوني لماذا أكتب باللغة الانجليزية. إلا أن التنقل بين اللغات يمنحنى الفرصة لإعادة خلق ذاتي. أحب الكتابة باللغة التركية, وهي بالنسبة لي شاعرية وعاطفية الى حد كبير. وأحب ايضا الكتابة باللغة الانجليزية, وهي بالنسبة لي حسابية وعقلية الى حد كبير. وهذا مايجعلني أشعر بالارتباط بكلا اللغتين بشكل مختلف. بالنسبة لي ولملايين من البش
ر حول العالم اليوم, تعتبر الانجليزية لغة مكتسبة. عندما تكون حديث عهد بلغة ما, ما يحصل هو أنك تعيش هناك ويلازمك شعور مستمر ودائم بالاحباط. وكحدثاء عهد باللغة, فنحن نريد دائما أن نقول المزيد, كما تعلمون, ونلقي نكت أكثر اضحاكا, ونقول أشياء أفضل. إلا أنه ينتهي بنا المطاف بقول القليل وذلك لوجود فجوة بين العقل واللسان. وهذه الفجوة مرهبة الى حد كبير. ولكن إذا تمكنا أن نتلافى الخوف منها, سنجدها أيضا محفزة. وهذا ما اكتشفته في بوسطن .. وهو أن الإحباط كان شديد التحفيز. في هذه المرحلة من حياتي, بدأت جدتي, و
التي كانت تتابع مسيرة حياتي بقلق متزايد, تشملني بدعواتها اليومية وتطلب لي الزواج عاجلا غير آجل. لكي أنعم بالاستقرار بعد زواجي والى الأبد. ولأن الإله كان يحبها, تزوجت فعلا. (ضحك) ولكن عوضا عن الاستقرار, انتقلت إلى ولاية أريزونا. وبما أن زوجي يعيش في إسطنبول, بدأت اتنقل بين أريزونا وإسطنبول. ومن على وجه الأرض, فهذان المكانان بالذات لا يمكن أن يكونا أكثر اختلافا. اعتقد أن جانبا منى لطالما كان بدويا. جسديا وروحيا. لقد رافقتني القصص, وحافظت على أجزائي وذكرياتي معا, كغراء وجودي. وبقدر حبي للقصص, بدأت
مؤخرا أرى أنها تفقد سحرها إذا ومتى ما نظر إليها كأكثر من كونها قصة. وهذا موضوع أحب أن نتأمله سويا. عندما صدرت أول رواية لي مكتوبة باللغة الانجليزية في أمريكا, سمعت تعليقا مثيرا للاهتمام من ناقد أدبي. فقد قال: "أعجبني كتابك, ولكن كنت أتمنى لو أنه كتب بشكل مختلف." (ضحك) سألته مالذي قصده بهذا الكلام؟ قال: "حسنا, انظري إلى الرواية. يوجد بها العديد من الشخصيات الأسبانية والأمريكية وذوي الأصول الاسبانية, ولكن يوجد فقط شخصية تركية واحدة فيها, وهو رجل." وبما أن أحداث الرواية وقعت في حرم جامعة في بوسطن,
فقد كان بالنسبة لي أمرا طبيعيا أن تكون جنسيات الشخصيات العالمية فيها أكثر من الشخصيات التركية. ولكني أدركت عما كان يبحث عنه ناقدي. وأدركت ايضا أنني سأظل أحبط آماله. لقد أراد أن يرى تجليا لهويتي. فقد كان يبحث عن امرأة تركية في الكتاب لأني أنا كذلك. كثيرا مانتحدث عن كيف غيرت القصص العالم. إلا أنه يتوجب علينا أن نرى كيف أن عالم سياسة الهويّة قد أثر على الكيفية التي من خلالها القصص تُنشر وتُقرأ وتُنقد. العديد من المؤلفين يرزحون تحت وطأة هذا الشعور, ولكن المؤلفين غير الغربيين يعانون أكثر. لو كنت امرأ
ة وكاتبة من العالم الإسلامي, مثلي, عندها سينتظر منك أن تكتب قصصاً عن نساء مسلمات ويفضل أن تكون قصصاً حزينة, لامرأة مسلمة تعيسة. يتوقع منك أن تكتب قصصاً تثقيفية, ومؤثرة, وتشخيصية وتترك الإسلوب التجريبي والحداثي لزملائك الغربيين. ماعانيته وأنا طفلة في تلك المدرسة في مدريد يحدث اليوم في عالم الأدب. فَالَكُتَّاب لا يُنظر لهم كمبدعين متفردين, إنما كممثلين لحضاراتهم الخاصة. بضعة مؤلفين من الصين, القليل من تركيا, القليل من نيجيريا. كلنا اعتقدنا أننا نمتلك شيئا جدا متميز, إن لم يكن متفرد. الكاتب والرحال
ة, جيمس بالدوين, أجريت معه مقابلة عام 1984م حيث سُئل أكثر من مرة عن مثليته الجنسية. عندما حاول المُحاور أن يصنفه ككاتب شاذ. أوقفه بالدوين وقال له: "ولكن ألا ترى؟ لايوجد شىء ما بي ليس موجودا في الآخرين, ولايوجد شىء ما في الآخرين ليس موجودا بي." عندما تحاول سياسة الهويّة أن تفرض مسميات علينا, تصبح حرية التخيل لدينا في خطر. هنالك تصنيف مبهم يُطلق عليه أدب التعددية الثقافية وفيه يُصنف المؤلفين من خارج العالم الغربي جميعهم تحت تبويب واحد. لن أنسى أبداً قراءتي المتعددة الثقافات في ساحة هارفارد قبل حوا
لي عشر سنوات مضت, كنا ثلاثة كاتبات, واحدة من الفلبين, وتركية وإندونيسية, كنكتة, كما تعلمون. (ضحك) والسبب الذي من أجله أجتمعنا لم يكن لأننا نشترك بالأسلوب الفني, أو الذوق الأدبي. بل كان فقط بسبب جوازات سفرنا. يُتَوَقَّع من الْكُتَّاب متعددي الثقافات أن يرووا قصصا حقيقية, وليس خيالية. ينسب عمل الْقَاص إلى الأدب القصصي. وبهذه الطريقة, ليس فقط الْكُتَّاب أنفسهم, ولكن أيضا شخصياتهم الخيالية تصبح ممثلة لشيء أكبر. لكن على عجالة لابد من أن أضيف, أن التوجه إلى اعتبار قصة ما بأنها أكثر من كونها قصة ليس مص
دره الغرب فحسب, بل هو في كل مكان. وهذا ما واجهته بشكل مباشر عندما تمت محاكمتي في عام 2005 من أجل كلمات في رواية لي أتت على لسان إحدى شخصياتي الروائية كنت أنوي كتابة رواية بنائية ومتعددة الطبقات عن رجل أرميني وأسرة تركية من خلال عيون النساء. أصبحت قصتي الصغيرة قضية كبيرة. عندما تمت مقاضاتي انتقدني بعض الناس, بينما أشاد بي آخرون لكتابتي عن الصراع الأرميني - التركي. ولكن كانت هناك أوقات أردت فيها تذكير كلا الطرفين بأن هذا كان خيالاً. فقد كانت مجرد قصة. وعندما أقول: "مجرد قصة," فأنا لا أحاول التقليل
من شأن عملي. أريد أن أحب واحتفل بالأدب الروائي لما هو عليه, وليس كوسيلة لتحقيق غاية. يرتبط الكُتَّاب بآرائهم السياسية, ويوجد روايات سياسية جيدة في الساحة الأدبية, إلا أن لغة الأدب الروائي ليست كلغة السياسة الراهنة, قال تشيخوف: "إن تقديم حل لمشكلة ما والطريقة الصحيحة لطرح التساؤل عنها هما شيئان منفصلان تماما. والمهمة الثانية هي مسؤولية الفنان." تفصلنا سياسة الهوية ويربطنا الأدب. الأولى تهتم بالتعميمات الشاملة, والثاني يهتم بالفروقات الدقيقة. الأولى ترسم الحدود, والثاني لا يعترف بالحدود. سياسة ال
هوية مصنوعة من طوب صلب, بينما الأدب من مياه جارية, في العهد العثماني، كان هناك قصّاصون متجولون يطلق عليهم اسم "مداح". كانوا يذهبون إلى المقاهي, حيث يحكون قصة أمام جمهور من المستمعين وغالبا ما يرتجلون ومع كل شخص جديد في الحكاية كان الـ"مداح" يغير صوته كتجسيد لتلك الشخصية. كان بإمكان الجميع الذهاب للمقهى والاستماع للحكواتي, كما تعلمون.. الناس العاديين, بل وحتى السلطان, المسلمون وغير المسلمين. تَعْبُر القصص كل الحدود. مثل "حكايات نصر الدين خوجه," (جحا) التي كانت شائعة في جميع أنحاء الشرق الأوسط, وش
مال أفريقيا, ودول البلقان وآسيا. واليوم, لازالت القصص مستمرة في تخطي الحدود. عندما يتحاور السّاسَة الفلسطينيون والاسرائيليون, فهم غالبا لا يستمعون لبعضهم البعض. إلا أن القارئ الفلسطيني لا يزال يقرأ رواية لمؤلف يهودي، والعكس بالعكس, في ارتباط وتعاطف مع الراوي. على الأدب أن ينقلنا الى الجانب الآخر. وإذا لم يتمكن من أخذنا هناك, فهو ليس بالأدب الجيد. لقد أنقذت الكتب تلك الطفلة الانطوائية, الخجولة التي كنتها فيما مضى. إلا أنني أدرك خطورة تَصْنيمِهَا (الكتب). عندما التقى جلال الدين الرومي بتوأم روحه ش
مس الدين التبريزي, أول شيء قام به الأخير كان أن رمى بكتب الرومي في الماء وجلس يشاهد الحروف تتلاشى. ثم قال: "العلم الذي لا يأخذك أبعد من ذاتك هو علم أسوأ من الجهل." مشكلة حضارات اليوم المعزولة ليس نقص المعرفة فنحن نعرف الكثير عن بعضنا البعض, أو هذا ما نظنه ولكن العلم الذي لا يجعلنا نتخطى ذواتنا, يجعلنا نخبويين, وبعيدين ومبتورين. هناك استعارة أحبها: (العيش مثل فرجار الرسم) وكما تعلمون، إحدى ساقيْ الفرجار ثابتة وراسخة في نقطة ما. بينما الساق الأخرى تدور باستمرار لترسم دائرة واسعة. وكذلك هي رواياتي.
جزء ثابت في إسطنبول بجذور تركية متأصلة. والجزء الآخر يحوم حول العالم. مرتبطًا بثقافات مختلفة. ومن هذا المنطلق، أحب أن أعتبر رواياتي محلية وعالمية بالوقت نفسه, من هنا ومن كل مكان. الذين سبق أن زاروا إسطنبول منكم ربما شاهدوا قصر الباب العالي, والذي كان محل إقامة السلاطين العثمانيين لأكثر من 400 عام. في القصر, مباشرة خارج مهاجع الجواري المحظيات, يوجد مساحة تسمى (مكان تجمع الجن) ويقع بين المباني. تشدني هذه الفكرة. نحن عادة ما نرتاب من تلك الأماكن المحشورة بين الأشياء. وننظر لها كحيز للمخلوقات الخار
قة للطبيعة مثل الجن, المخلوقين من نار لادخان لها وهم رمز للمراوغة. وما أريد أن أصل اليه هو أن تلك المساحة المحيرة قد تكون أهم مايحتاج إليه الكتاب والفنانين. عندما أباشر كتابة رواية أتعلق بالمراوغة والقدرة على التغيير أفضل أن لا أعرف ما سيحصل في العشر صفحات القادمة أحب أن تفاجئني شخصياتي لربما سأكتب عن امرأة مسلمة في واحدة من رواياتي وربما ستكون قصة في غاية السعادة. وفي روايتي القادمة, ربما سأكتب عن أستاذ جامعي من النرويج, وسيم وشاذ. طالما كانت قلوبنا هي مصادرنا, بإمكاننا أن نكتب عن أي شيء وكل شي
ء. قالت أودري لورد (شاعرة أمريكية من أصل أفريقي) ذات مرة: "علمنا الآباء البيض (المبشرون) أن نقول: "أنا أفكر، إذن أنا موجود." وكانت تلمح الى: "أنا أشعر، إذن أنا موجود." باعتقادي أنها كانت نقلة نوعية رائعة. وبعد, فلماذا إلى يومنا هذا, عندما نُدَرِّس الكتابة الابداعية, فإن أول شيء نعلمه الطلاب هو: أكتب ما تعرفه؟ لربما هذه ليست بالبداية الصحيحة. فالأدب الخيالي لا يتناول بالضرورة الكتابة عن كينونتنا أو مُدركاتنا أو ماهية هويتنا. علينا أن نُدَرِّس النشء وأنفسنا كيف نُوَسِّع قلوبنا ونكتب عما يخالجنا من
شعور. علينا أن نخرج من عزلتنا الحضارية ونزور الآخر ثم الآخر. في الختام, تدور القصص مثل الدراويش, لترسم دوائر تلو الدوائر. فالقصص تترتبط بكل البشر, مهما تكن هويتهم السياسية. وهذا هو الخبر الْسَّار. وأحب أن أختم بهذه القصيدة الصوفية القديمة: "هلموا, ولنكن أصدقاء ولو لمرة؛ دعونا نجعل الحياة يسيرة علينا؛ دعونا نُحِب ونُحَب ولو لمرة؛ فالأرض لن تُورّث لإنسان." شكرا لكم. (تصفيق)

Comments

@reemalsanea6669

Just finished 40 rules of love. I’m crying. Watching her speech is making me cry more. Thank you Elif you are wonderful

@NaryBaku

I've just finished reading her "Forty rules of love" and have to say that was more than a book.. Now I certainly know that there are still some people around the world who share my views and feelings.. She is definitely on my TO PERSONALLY MEET ONE DAY list !!!

@hasanoral562

The way that she relates different topics and melts them in a pot with an understanding, rational way is great! I am going read her books.

@nikosgus3213

Being a Greek and listening to this guzel woman so wise and so witty I feel that I love Turkey for creating such a creative creature. Such a positive energy...

@ABetterYouEm

I wish there was a love button on YouTube - this woman is amazing!

@cnsl51

She is undescribable! She is an amazing woman, a marvelous author and a Great person!

@TheEricthunder

This is the beauty of an open mind. Deep!

@a_bilgic

“Come, let us be friends for once; let us make life easy on us; let us be lovers and loved ones; the earth shall be left to no one.” Stories bring us together and connect us. She is using her stories to hug and to love all people. She is great. She has a brilliant mind. She is presenting Turkish culture in the best way. She is very successful with her own identity or characteristics.

@RashmikaLikesBooks

Yes! As a South African woman, I feel the exact same pressure she does. I am often seen as the representative of a group rather than an individual.

@kouture10

This is my first time listening to Elif talk. She is so interesting. I read her novel The Bastard Of Istanbul, the one she talked about, and it was fabulous. I enjoyed it very much. I love how she is so neutral in her book. She has all these different characters, different cultures and religions, and all she does is tell their story. No bias. No preference. Narrating their feelings, thoughts, and behavior.

@plutopluto6699

She gave an inspiring speech. I strongly believe she is what she says she is. She is a great representative of Humanity, women, Turkey and Turkish culture, Islam and PEACE. The past is over, all nations of the world has a "DIRTY PAST". We should stop blaming of each other for the past but plant the beautiful, righteous, fruitful plants so our offspring can have love for one another instead of animosity. Turks, Greeks, Arabs, Japanese, Jews, Muslims, Christians, Hindus and others.

@narutosasuke84

this author is making me more of a spiritual man. just read 40 rules of love.

@kimjongchill2072

woah ! Her speech rasonates in me deeply ! Thank You Elif Shafak ! Much Love from a cambodian living in Germany 🥰🥰🥰💚💜💛

@flyordie11

she talks 100% sense.. amazing

@peacefulsoul1390

I just came here to see her after reading forty rules of love and three daughters of eve and I am not disappointed ♥️keep writing for us👍

@Reader_curiosity

the forty Rules of Love ... Elif Shafak is the best novelist in Turkey. Among the giants of world novel literature with Dostoyevsky, Hugo, Tolstoy, Márquez and others. Shafak approach is closer to Tolstoy's method of adopting just causes and working to enlighten and confront governments and not to involve high towers and revolution on the current conditions and strive for the best.

@HarryKrinkle

Agree 100% with everything she says, and...shallow as it may be for me to say, she is preternaturally beautiful. I'll have to read her books.

@simransahu6096

Come, " let us be friends for once, let us make life easier on earth, let us be the lovers and loved ones the earth shall be left to no one! #sufism ❤ #elifshafak ❤ so blessed to have this !!!!!!!!

@elimamesoumia7126

I started reading for Elif Şafak at 2014 and I just fall in love with her style and her books .. Respect from Morocco ♡

@a.m.senany34

Great, heart & mind moving talk. She’s a true prophet of staying united against divisiveness & bias: through 1st class literary work 👍